الأحد، 19 نوفمبر 2023

ماذا لو فتح القوم عقولهم ؟

 مَاذا لو فتح القوم عقولهم؟

(بقلم ✍️ د. يوسف البندر)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


في قلب هذا العالم المليء بالضجيج، وجد نفسه وحيداً بين زحام البشر، كانت وجوه الناس تمرُ كظلالٍ سريعة على جدران الزمن، وهو يراقبهم من مكانه البعيد، مكانٌ يختبئ في عوالم الكتب والروايات، حيث يمكنه الهرب من وحدته ومشاعر العزلة المحيطة به!


كان وجهه يحمل آثار السنوات، فقد اجتاحته التجاعيد وعاثتْ فيه خراباً، وجهٌ كخريطة التاريخ ألوانها سني العمر، عيناه كنافذتين مظلمتين تطُلُّ على طُرقاتٍ طويلة ممتدة لا نهاية لها، تحملان عبء الذكريات القديمة.


يرتدي معطفاً طويلاً من الصوف، من تحته يمكن رؤية قميصٍ قديم، وسروالاً منسدلاً يغطي ساقيه، والعيون تحمل أوجاع الغُربة، ككلمة مفقودة بين أضلع الوجدان، وجسرٌ من الصمت يفصل العالم!


كأنه يجلسُ في مرفأ بعيدٍ ينظر إلى البحر اللامتناهي، حيث الأمواج تحملُ ماضيه معها، وتتغير أصوات الحياة من حوله، فيفتقد العُزلة التي كان يجد فيها السلام، يحملُ معه كتباً ممزقة وأسفاراً مليئة بأفكاره المضطربة، حيث يمكنه أن يكتب ما يجول في خاطره! 


كان عقله شارداً بعيداً عن الزمان والمكان، يستعيد ذكرياته في مكانه القديم، يشعرُ بالشوق إليه، يشمُّ رائحة التراب بعد سقوط المطر، ينظر إلى أفقٍ يرى بداخله وطنهُ البعيد، يبدو الوطن كقصةِ حنينٍ طويلة يرويها لنفسه!


قلبه ينبض بالرغبة في فهم الغموض الذي يحيط بنا، يجوب الطرقات الصعبة بحثاً عن حقيقة الحياة، كل خطوة تقربه أكثر من كشف الستار عن أسرارها، يتأمل في أحداثها ككتابٍ مفتوح، كأنه يقرأ بين السطور لفهم ما وراء الواقع، فتتغير ملامح وجهه باستمرار كلما اقترب من إدراك حقيقة جديدة!


على شفتيه ترتسم الأسئلة الكبيرة، وفي عقله تتسابق الأفكار وتتنافس الأجوبة فيما بينها، فعندما انكشفت الحقيقة أمام عينيه، كانت صاعقة قوية، فانهارت كل تصوراته السابقة وتركته يتألم بصمت، كانت كلمات الحقيقة تتسلل إلى أذنيه كسهامٍ حادة، كأن الحقيقة انهمرت عليه كالأمطار الغزيرة، تتساقط بلا رحمة تاركةً وراءها حقول الصدمة والارتباك!


لو يفتح القوم عقولهم، سيصبحون قادرين على استكشاف عوالم جديدة، وكسر الحواجز الفكرية، والخروج من الصندوق، وتمهيد الطريق لفهم أعمق.


فيا أيها القوم، هل أنتم مستعدون لفتح عقولكم وتقبل الحقيقة مهما كانت صعبة؟


دمتم بألف خير!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق