الأحد، 19 نوفمبر 2023

فرجينيا وولف

 《عليك ألقي نفسي بلا هزيمة أو استسلام يا موت 》 


حين ولدت فرجينيا وولف في الخامس من كانون الثاني 1882 لعائلة أرستقراطية تعيش في ضواحي لندن، ظن الجميع أنها لن تعيش طويلاً فقد كانت ضعيفة البنية كادت تموت تحت نظر والديها، سترافقها الأمراض طيلة حياتها وتلزمها باتخاذ احتياطات طبية صارمة. هذا المرض تحول مع مرور الزمن إلى فرصة لأن تنسحب إلى عالمها الداخلي وتتفرغ لكتبها وأوراقها، في التاسعة من عمرها كتبت قصصًا قصيرة، توفيت والدتها وهي في الثالثة عشرة، فأصيبت بنوبات من الهيستريا، وكانت تخاف الظلام.


 توفي والدها بعد عامين آخرين فأصيبت بانهيار عقلي حاولت الانتحار أكثر من مرة، اعتقد المقربون منها أن زواجها يمكن أن يداوي آلام غياب الأب، تعرفت إلى زوجها 《ليونارد》 عن طريق أصدقاء مشتركين عندما طلب الزواج منها استاءت وكتبت إليه رسالة حادة ينقلها لنا كوينتين بيل في سيرة حياتها: 《 أشعر بالغضب من طلبك, تبدو أجنبيًا للغاية، وأنا مضطربة إلى درجة تثير الخوف. كما قلت لك بقسوة، لا أشعر بأي انجذاب جسدي نحوك. مع ذلك يغمرني اهتمامك بي 》


حار الأطباء في معرفة نوع مرضها وأسبابه، وعزاه عالم النفس 《جاك لاكان》 إلى الحساسية المفرطة التي لازمتها طوال حياتها وإلى الخوف من الجنس بعد أن تعرضت للتحرش الجنسي وهي في سن السادسة.  


كتبت فرجينيا وولف ثلاث رسائل وداع ، قالت في واحدة منهن : 《 إنني أجنُّ ثانية، وأشعر أنني لا أستطيع مواجهة وقتِ صعب آخر. لن أشفى هذه المرة. بدأت أسمع أصواتا و لا أستطيع التركيز، لذا سأقوم بما يبدو أفضل ما يمكن فعله... لا أستطيع إفساد حيوات القريبين مني أكثر مما فعلت》 . رأى زوجها الرسائل الثلاث وركض إلى النهر كان الحذاء الذي ارتدته يعوم، تمنت فرجينيا ألا يجدوا جثتها ، لكن جثة كاتبة بريطانيا الشهيرة وجدها الأطفال تطفو قرب الجسر، دفنت في حديقة منزلها ومثلما طلبت في وصيتها بالعبارة الأخيرة من روايتها (الأمواج): 《 عليك ألقي نفسي بلا هزيمة أو استسلام يا موت 》 


عن كتاب غوايات القراءة : للكاتب الأستاذ علي حسين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق